فصل: مسير الروم إلى حلب وهزيمتهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن دولة بني صالح بن مرداس بحلب وابتداء أمرهم وتصاريف أحوالهم.

كان ابتداء أمر صالح بن مرداس ملك الرحبة وهو من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ومجالاتهم بضواحي حلب وقال ابن حزم أنه من ولد عمرو بن كلاب وكانت مدينة الرحبة لأبي علي بن ثمال الخفاجي فقتله عيسى بن خلاط العقيلي وملكها من يده وبقيت له مدة ثم أخذها منه بدران بن المقلد وزحف لؤلؤ الساري نائب الحاكم بدمشق فملك الرقة ثم الرحبة من يد بدران وعاد إلى دمشق وكان رئيس الرحبة ابن مجلكان فاستبد بها وبعث إلى صالح بن مرداس يستعين به على أمره فأقام عنده مدة ثم فسد ما بينهما وقاتله صالح ثم اصطلحا وزوجه ابن مجلكان ابنته ودخل البلد ثم انتقل ابن مجلكان إلى عانة بأهله وماله بعد أن أطاعوه وأخذ رهنهم ثم نقضوا وأخذوا ماله وسار إلى ابن مجلكان مع صالح فوضع عليه صالح من قتله وسار إلى الرحبة فملكها واستولى على أموال ابن مجلكان وأقام دعوة العلويين بمصر.

.ابتداء أمر صالح في ملك حلب.

قد قدمنا أن لؤلؤا مولى أبي المعالي بن سيف الدولة استبد بحلب على ابنه أبي الفضائل وأخذ البلد منه ومحا دعوة العباسية وخطب للحاكم العلوي بمصر ثم فسد حاله معه وطمع صالح بن مرداس في ملك حلب وذكرنا هنالك ما كان بين صالح ولؤلؤ من الحروب وأنه كان له مولى اسمه فتح وضعه في قلعة حلب حافظا لها فاستوحش وانتقض على لؤلؤ بممالأة صالح بن مرداس وبايع للحاكم على أن يقطعه صيدا وبيروت وسوغه ما كان في حلب من الأموال ولحق لؤلؤ بأنطاكية وأقام عند الروم وخرج فتح بحرم لؤلؤ وأمه وتركهن في منبج وترك حلب وقلعتها إلى نواب الحاكم وتداولت في أيديهم حتى وليها بعض بني حمدان من قبل الحاكم يعرف بعزيز الملك اصطنعه الحاكم وولاه حلب ثم عصى على ابنه الظاهر وكانت عمته بنت الملك مدبرة لدولته فوضعت على عزيز الملك من قتله وولوا على حلب عبد الله بن علي بن جعفر الكتامي ويعرف بابن شعبان الكتامي وعلى القلعة صفي الدولة موصوفا الخادم.

.استيلاء صالح بن مرداس على حلب.

ولما ضعف أمر العبيديين بمصر من بعد المائة الرابعة وانقرض أمر بني حمدان من الشام والجزيرة تطاولت العرب إلى الاستيلاء على البلاد فاستولى بنو عقيل على الجزيرة واجتمع عرب الشام فتقاسموا البلاد على أن يكون لحسان بن مفرج بن دغفل وقومه طيىء من الرملة إلى مصر ولصالح بن مرداس وقومه بني كلاب من حلب إلى عانة ولحسان بن عليان وقومه دمشق وأعمالها وكان العامل على هذه البلاد من قبل الظاهر خليفة مصر أنوشتكين إلى عسقلان وملكها ونهبها حسان وسار صالح بن مرداس إلى حلب فملكها من يد ابن شعبان وسلم له أهل البلد ودخلها وصعد ابن شعبان إلى القلعة فحصرهم صالح بالقلعة حتى جهدهم الحصار واستأمنوا وملك القلعة وذلك سنة أربع وعشرين وأربعمائة واتسع ملكه ما بين بعلبك وعانة.

.مقتل صالح وولاية ابنه أبي كامل.

ولم يزل صالح مالكا لحلب إلى سنة عشرين وأربعمائة فجهز الظاهر العساكر من مصر إلى الشام لقتال صالح وحسان وعليهم أنوشتكين الدريدي فسار لذلك ولقيهما على الأردن بطبرية وقاتلهما فانهزما وقتل صالح وولده الأصغر ونجا ولده الأكبر أبو كامل نصر بن صالح إلى حلب وكان يلقب شبل الدولة ولما وقعت هذه الواقعة طمع الروم أهل أنطاكية في حلب فزحفوا إليها في عدد كثير.

.مسير الروم إلى حلب وهزيمتهم.

ثم سار ملك الروم إلى حلب قي ثلاثمائة ألف مقاتل ونزل قريبا من حلب ومعه ابن الدوقس من أكابر الروم وكان منافرا له فخالفه وفارقه في عشرة آلاف مقاتل ونمي إليه أنه يروم الفتك به وأنه دس عليه فكر راجعا وقبض على ابن الدوقس واضطرب الروم واتبعهم العرب وأهل السواد الأرمن ونهبوا أثقال الملك أربعمائة حمل وهلك أكثر عسكره عطشا ثم أشرف بعض العرب على معسكره فهربوا وتركوا سوادهم وأموالهم وأكرم الله المسلمين بالفتح.